تخطى إلى المحتوى

الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة في قطر: 5 نقاط يوضحها محامٍ مختص

قد تتشابه الجرائم التي تستهدف المال في مظهرها الخارجي، لكن القانون لا ينظر إلى النتيجة فقط، بل يُمعن في تحليل العلاقة والسلوك والنية. ولهذا، فإن الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة في القانون القطري ليس تفصيلًا لغويًا، بل تكييف قانوني جوهري يؤثر على مسار القضية والعقوبة والجهة المختصة.

في هذا المقال، نكشف الفروق القانونية الدقيقة بين هذه الجرائم الثلاث، مستندين إلى نصوص قانون العقوبات القطري، مع أمثلة تطبيقية تساعد على فهم كل جريمة في سياقها الواقعي والقانوني.

لحماية موقفك منذ البداية، انقر زر الواتساب أسفل الشاشة.

كيف يفرّق القانون القطري بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة؟

قد تتشابه النتيجة: مال يُنتزع من صاحبه، لكن القانون القطري لا يحكم على الظاهر، بل يغوص في التفاصيل الدقيقة: من سلّم المال؟ كيف انتُزع؟ هل كانت هناك ثقة أم سلطة أم مباغتة؟

هنا يظهر الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة، وهي فروق تصنع فارقًا حاسمًا في العقوبة والملاحقة القضائية.

  • السرقة، كما تُعرّفها المادة (340) من قانون العقوبات القطري، هي أخذ مال منقول مملوك للغير دون رضاه، وبنية تملكه. وقد نصّت المادة على ما يلي:

“يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات كل من اختلس مالًا منقولًا مملوكًا للغير”.

  • أما الاختلاس، المنصوص عليه في المادة (148)، فهو استيلاء موظف عام على مال أُوكل إليه بحكم وظيفته. وقد جاء نص المادة كالتالي:

“يُعاقب بالسجن كل موظف عام اختلس مالًا أو مستندًا أو شيئًا آخر منقولًا وجد في حيازته بسبب وظيفته”.

  • في حين أن خيانة الأمانة، الواردة في المادة (358)، تقوم على تسليم المال برضا تام بموجب علاقة ثقة، ثم إساءة استخدامه لاحقًا بما يخالف غرض التسليم. وتنص المادة على:

“يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات كل من اختلس أو بدد مالًا منقولًا أو أوراقًا تجارية أو سندات، وكان ذلك قد سُلِّم إليه على سبيل الأمانة أو الإيجار أو الرهن أو الوكالة”.

هذه الفروقات في طبيعة العلاقة، وسلوك الجاني، وظروف الحيازة ليست تفاصيل ثانوية، بل هي التي تحدد نوع الجريمة، ومن ثم شكل الدفاع وحدود العقوبة.

الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة في القانون القطري

الفروقات بين هذه الجرائم الثلاث ليست في الاسم فقط، بل في كل تفصيلة تتعلق بالنية، العلاقة، الحيازة، وحتى طريقة التصرف في المال. إليك أهم النقاط التي توضح الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانةا:

قبل كل شيء، اسأل: كيف وصل المال إلى يد الجاني؟ الإجابة على هذا السؤال وحدها قد تغيّر التكييف بالكامل.

1. من حيث طريقة الوصول إلى المال

لفهم التكييف القانوني الصحيح، يجب أولًا طرح سؤال جوهري: كيف وصل المال إلى يد الجاني؟ هذا السؤال وحده قد يحدد ما إذا كانت الواقعة سرقة، أو اختلاسًا، أو خيانة أمانة.

  • في السرقة: الجاني لم يستلم المال من صاحبه، بل قام بأخذه دون علمه أو إذنه، وغالبًا بطريقة خفية أو بالقوة.
  • في الاختلاس: المال كان بين يدي الجاني بشكل رسمي، لأنه موظف أو مسؤول، لكنه استغل سلطته واستولى عليه لصالحه.
  • في خيانة الأمانة: المال سُلّم بإرادة تامة من صاحبه، بسبب وجود علاقة ثقة أو اتفاق، لكن الجاني تصرّف فيه بطريقة تخالف الغرض من التسليم.

2. من حيث وجود علاقة بين الجاني والمجني عليه

السؤال هنا ليس عن الجريمة فقط، بل عمّا سبقها: هل كانت هناك علاقة تربط الطرفين قبل وقوع الجريمة؟

  • في السرقة: لا توجد أي علاقة مسبقة بين الجاني والمجني عليه. الفعل يتم دون معرفة أو تواصل أو اتفاق، وغالبًا في سياق مفاجئ.
  • في الاختلاس: العلاقة موجودة ومحددة بوضوح، وهي علاقة وظيفية رسمية، حيث يكون الجاني موظفًا أو مكلفًا بعمل عام.
  • في خيانة الأمانة: العلاقة تقوم على الثقة أو التعاقد، مثل وكالة، وديعة، شراكة، أو أي اتفاق يترتب عليه تسليم المال بإرادة المالك.

هذه العلاقة المسبقة هي مفتاح التكييف الصحيح، لأن القانون ينظر إليها ليقرر: هل الجريمة وقعت في ظل خيانة، أم استغلال منصب، أم انتزاع عدائي مباشر؟

3. من حيث القصد الجنائي والتصرف في المال

في كل جريمة من هذه الجرائم، تختلف نية الجاني والطريقة التي يتصرّف بها في المال، وهنا يكمن فارق قانوني جوهري.

  • في السرقة: الجاني يكون قد قرر مسبقًا الاستيلاء على المال لنفسه، أي أن نية التملك موجودة من اللحظة الأولى، وغالبًا ما تكون الجريمة مباغتة.
  • في الاختلاس: النية تتكوّن خلال فترة الحيازة، حيث يستغل الجاني سلطته الوظيفية في تحويل المال العام أو المسؤول عنه إلى مصلحته الشخصية.
  • في خيانة الأمانة: تبدأ العلاقة بثقة كاملة، لكن النية في التملك تظهر لاحقًا، عندما يُسيء الجاني استخدام المال خلافًا لما تم الاتفاق عليه عند تسليمه.

القصد الجنائي هنا ليس تفصيلاً، بل نقطة فاصلة تُحدد نوع الجريمة وشدتها، بل حتى تؤثر على الحكم النهائي.

4. من حيث نوع المال المتصرف فيه

لا يتعامل القانون مع المال ككتلة واحدة، بل ينظر إلى نوع المال وطبيعته، وهو ما يُساعد على تمييز الجريمة بدقة.

  • في السرقة: الجريمة تقع على أي مال منقول، سواء كان مملوكًا لأفراد أو مؤسسات، بشرط أن يكون المال قد أُخذ دون علم أو رضا المالك.
  • في الاختلاس: يشترط أن يكون المال من المال العام أو الخاضع لرقابة الجهة الوظيفية، مثل أموال الدولة، المؤسسات الحكومية، أو ما يدخل ضمن مسؤولية الموظف العام.
  • في خيانة الأمانة: يكون المال خاصًا أو شخصيًا، وقد سُلّم بناءً على عقد أو اتفاق مسبق، مثل وكالة تجارية، عقد إيجار، أو شراكة محددة.

طبيعة المال تُغيّر طبيعة الجريمة، لأنها تحدد ما إذا كانت المسألة تمس الأفراد فقط، أم تمتد إلى المال العام والثقة المؤسسية.

5. من حيث العقوبة

الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة من حيث العقوبة، إن توصيف الجريمة لا يؤثر فقط على شكل الاتهام، بل يحدد أيضًا مدى العقوبة التي قد تُفرض على الجاني. وهنا تتباين العقوبات بشكل واضح بين هذه الجرائم:

  • في السرقة: العقوبة تبدأ من الحبس، وقد تصل إلى السجن المؤبد إذا اقترنت بظروف مشددة كالعنف، التعدد، أو ارتكابها ليلًا، وذلك وفق المادة (343) من قانون العقوبات.
  • في الاختلاس: يُعاقب الجاني بـ السجن المشدد، وقد تصل العقوبة إلى 15 سنة أو أكثر بحسب جسامة المبلغ المختلس وصفة الجاني، كما نصت عليه المادة (148).
  • في خيانة الأمانة: تُعد جريمة أقل من حيث التصنيف الجنائي، وغالبًا ما يُحكم فيها بـ الحبس حتى ثلاث سنوات، ما لم تقترن بظروف مشددة أو مبالغ كبيرة، وذلك حسب المادة (358).

العقوبة لا تتوقف على نوع الجريمة فحسب، بل تتأثر أيضًا بحسن النية، وجود الصلح، أو سوابق الجاني، إلا أن التكييف القانوني الصحيح هو النقطة التي ينطلق منها القاضي لتحديد مدى العقوبة وحدودها.

لماذا التوصيف القانوني الصحيح مهم جدًا في هذه القضايا؟

الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة ليس مسألة نظرية، بل خطوة أساسية تحدد:

  • نوع الجريمة: هل هي جنحة أم جناية؟ هل تمس المال الخاص أم المال العام؟
  • الجهة المختصة: هل تُنظر أمام المحكمة الجنائية أم جهة مختصة بالوظائف العامة أو الأموال العامة؟
  • الأدلة المطلوبة: تختلف بين السرقة (غياب الرضا)، وخيانة الأمانة (وجود تسليم قانوني)، والاختلاس (الصفة الوظيفية).
  • العقوبة المحتملة: التوصيف الخاطئ قد يعني فرقًا بين الحبس البسيط والسجن المشدد.
  • استراتيجية الدفاع: كل توصيف يفرض طريقة مختلفة في عرض الوقائع والدفع القانوني.

التوصيف الخاطئ قد يؤدي إلى تضخيم العقوبة أو محاكمة المتهم أمام جهة غير مختصة، بينما التوصيف الدقيق يُعد حجر الأساس لأي مرافعة ناجحة في قضايا السرقة أمام المحاكم القطرية.

ولهذا فإن وجود محامي في قطر مختص ويُحسن قراءة تفاصيل العلاقة والسلوك القانوني يجعل الفارق كبيرًا في حماية الحقوق وتوجيك عند رفع الدعوى لتجري في مسارها الصحيح.

الأسئلة الشائعة

السرقة تتم عندما يُنتزع المال من صاحبه دون علمه أو رضاه، وغالبًا لا تكون هناك علاقة سابقة بين الطرفين. أما الاختلاس، فيقع عندما يكون الجاني موظفًا عامًا، ويستولي على مال موجود في حيازته بحكم وظيفته.
لا، خيانة الأمانة تختلف عن السرقة من حيث أن المال في خيانة الأمانة يُسلَّم برضا المالك بموجب علاقة ثقة، ثم يُساء استخدامه. بينما في السرقة، يتم أخذ المال دون أي تسليم أو إذن.
العقوبة القانونية:
1- السرقة: الحبس حتى 7 سنوات، وتُشدد في بعض الحالات إلى المؤبد.
2- الاختلاس: السجن وغالبًا من 5 إلى 15 سنة إذا تعلّق بالمال العام.
3- خيانة الأمانة: الحبس حتى 3 سنوات، مع احتمال تشديد العقوبة حسب الظروف.
نعم، إذا تبيّن أن المال لم يُنتزع بالقوة بل سُلِّم برضا، قد تُعاد صياغة التوصيف القانوني للجريمة من سرقة إلى خيانة أمانة، بناءً على تحليل العلاقة وسلوك الجاني.

إن الفرق بين السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة في القانون القطري ليس مجرد مسألة قانونية نظرية، بل هو العامل الذي يحدد كيف تُفهم الجريمة، وما الأدلة المطلوبة، وكيف تُبنى استراتيجية الدفاع، بل وأي جهة قضائية ستنظر في الدعوى.

ولأن التكييف القانوني الدقيق لا يحتمل الاجتهاد أو التسرع، فإن استشارة محامي دفاع جنائي متخصص في بدايات القضية يُمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في النتائج.

إذا كنت طرفًا في قضية تتعلق بالاستيلاء على المال، أو تواجه اتهامًا غامضًا بين هذه الجرائم الثلاث، تواصل معنا الآن عبر الأرقام الظاهرة في صفحة اتصل بنا.

قد تبحث أيضًا عن: تحليل الأركان والعقوبة في قضايا السرقة في القانون القطري وكيف يثبت القانون الجريمة. و5 شروط تحسم الموقف عند التنازل في قضايا السرقة في قطر، و3 إجراءات أساسية للإبلاغ عن جرائم الاعتداء على المال العام في قطر.

اطلب استشارة